وأما النهي عن شرطين في بيع، فالذي يظهر في معناه هو ما ذكره ابن القيم1 من أن المراد بهذا النهي هو النهي عن بيعتين في بيعة - والذي سوف يأتي بيانه إن شاء الله تعالى -.

ويشهد لهذا أن بعض روايات حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - جاء بدل قوله: "ولا شرطان في بيع"، قوله: "نهى عن بيعتين في بيعة"، والله أعلم.

وقد أخذ أحمد في المشهور من مذهبه بظاهر هذا الحديث، فأجاز الشرط الواحد ونهى عن الشرطين، فقال مثلاً: إذا اشترى منه طعاماً وشرط حمله صح البيع، وإن شرط مع الحمل الطحن فسد البيع2.

وعند أحمد رواية أخرى اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية أنه يصح أن يجمع شرطين فأكثر في البيع3. وبهذا قال مالك4، وابن سيرين، وابن شبرمة، وحماد بن أبي سليمان5 وغيرهم. وهذا القول هو الذي تشهد له الأدلة من اعتبار الشروط في البيع وغيره إذا كانت لا تنافي الشرع، وليس هناك من الأدلة ما يصح في النهي عنه، وقد تقدم أن رواية "نهى عن بيع وشرط" لا تصح، وأن رواية "نهى عن شرطين في بيع" المراد بها النهي عن بيعتين في بيعة. والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015