دلالة الحديث السابق:
بيع اللبن في الضرع وإن لم يصح الحديث الوارد فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنه داخلٌ في بيع الغرر المنهي عنه؛ وذلك لأنه مجهول القدر، لأنه قد يرى امتلاء الضرع من السمن، فيظن أنه من اللبن، ولأنه مجهول الصفة، لأنه قد يكون اللبن صافياً وقد يكون كدراً، وذلك غرر من غير حاجةٍ، فلم يجز1.
وأجمع المسلمون على جواز بيع حيوان في ضرعه لبن، وإن كان اللبن مجهولاً، لأنه تابعٌ للحيوان، ودليله من السنة حديث المصرّاة2.
ومثل بيع اللبن في الضرع بيع السمن في اللبن، فلا يجوز للغرر الكائن فيه.
وأما بيع الصوف على الظهر فقد اختلف العلماء في حكمه، فقال بعضهم بالنهي عن بيع الصوف على الظهر3. وعللوا قولهم هذا بأنه قد يموت الحيوان قبل الجز فينجس شعره، وذلك غرر من غير حاجةٍ، فلم يجز، ولأنه لا يمكن تسليمه إلا باستئصاله من أصله، ولا يمكن ذلك إلا بإيلام الحيوان وهذا لا يجوز4.
وقد تقدم أن النهي الوارد في النهي عن بيع الصوف على الظهر ضعيف. وقد ذهب أحمد في روايةٍ5 إلى جواز بيعه إذا جُزَّ بعد عقد البيع مباشرةً. قال المرداوي عن هذا القول: "فيه قوّة"6، ورجحه ابن القيم