على رابع، فيبيع كل ما يملك من الدين بمال صاحبه من الدين. وعندهم نوع ثالث فيما يتعلق بالمعاملات الجارية في الدين وهي ابتداء الدين بالدين، وهو تأخير مال السلم إن كان من أحد النقدين عن العقد. وعندهم أن فسخ الدين بالدين أعظم هذه الأنواع الثلاثة حرمة، ثم بيع الدين بالدين، ثم ابتداء الدين بالدين1.
وذكر بعض الفقهاء صورًا أخرى لبيع الكالئ بالكالئ. وقد اعترض على كثير من هذه الصور2، ومن ذلك ما ذكره بعض الفقهاء من إطلاق المنع على كل عقد تضمن بيع دين بدين، ولو كان الدينان حالين، أو أحدهما حالاً، وجعلوا ذلك من بيع الكالئ بالكالئ.
وقد تقدم أن بيع الكالئ بالكالئ إنما هو بيع النسيئة بالنسيئة. فالدين الحال لا يسمى نسيئة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن بيع الدين بالدين ليس فيه نص عام ولا إجماع، وإنما ورد النهي عن بيع الكالئ بالكالئ، والكالئ هو المؤخر الذي لم يقبض بالمؤخر الذي لم يقبض"3.
والحكمة في النهي عن بيع الدين بالدين أن مطلوب الشرع صلاح ذات البين وحسم مادة الفساد والفتن، وإذا اشتملت المعاملة على شغل الذمتين توجهت المطالبة من الجهتين، فكان ذلك سبباً لكثرة الخصومات والعداوات فمنع الشرع ما يفضي لذلك4. والله أعلم.