الدليل الثاني: قوله تعالى: (وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ) [فاطر: 11]، فالزيادة والنقصان المشار إليهما في الآية المراد بهما ما يُكتب في صحف الملائكة، ومعنى الآية: أنه لا يطول عمر إنسان ولا يُنقص منه إلا وهو في كتاب، أي صحف الملائكة. (?)

الدليل الثالث: قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) [الأنعام: 2]، فالمراد بالأجل الأول هو ما في صحف الملائكة، وما عند مَلَك الموت وأعوانه، وأما الأجل الثاني فالمراد به ما ذُكِرَ في قوله تعالى: (وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) وقوله: (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) [الأعراف: 34]. (?)

الدليل الرابع: ما رُوي عن عدد من الصحابة أنهم كانوا يقولون في أدعيتهم: اللهم إن كنت كتبتني في أهل السعادة؛ فأثبتني فيهم، وإن كنت كتبتني في أهل الشقاوة فامحني وأثبتني في أهل السعادة.

رُوي ذلك عن عمر بن الخطاب (?)، وابن مسعود (?) - رضي الله عنهم -، فدل على أنَّ مذهب الصحابة جواز المحو والإثبات في الشقاء والسعادة، فكذلك زيادة العمر ونقصانه. (?)

الإيرادات والاعتراضات على هذا المذهب وأدلته:

ذكر أصحاب المذهب الثاني - القائلون بمنع الزيادة - بعض الإيرادات والاعتراضات على هذا المذهب وأدلته، منها:

الأول: إذا كان المحتوم واقعاً فما الذي يفيده زيادة المكتوب ونقصانه؟

وأجيب: بأن الأصل أن تُجرى المعاملات على الظاهر، وأما الخفي الباطن الذي لا يعلمه إلا الله فلا يعلق عليه حكم، فيجوز أن يكون المكتوب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015