القول الثاني: أنَّ معنى الأحاديث: أنَّ الله تعالى جعل صلة الرحم سبباً لطول العمر، كسائر الأعمال التي أمر الله بها شرعاً، ورتب عليها جزاء قدرياً، فمن عَلِمَ أنه يصل رحمه جعل أجله إلى كذا، ومن عَلِمَ أنه يقطع رحمه جعل أجله ينتهي إلى كذا، والكل قد فُرِغَ منه في الأزل، وجف به القلم.
وهذا قول: الطحاوي، والقاضي عياض، وابن حزم، والزمخشري، وابن عطية، والقرافي، وابن أبي العز الحنفي، والمناوي، وشمس الحق آبادي، والشوكاني، والآلوسي، وابن عثيمين. (?)
وذكره: ابن فورك، وابن الجوزي. (?)
قال ابن حزم: "وأما قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من سره أنْ يُنسأ في أجله فليصل رحمه" فصحيح موافق للقرآن، ولما توجبه المشاهدة، وإنما معناه: أنَّ الله عز وجل لم يزل يعلم أنَّ زيداً سيصل رحمه، وأنَّ ذلك سببٌ إلى أنْ يبلغ من العمر كذا وكذا، وهكذا كل أجل في الدنيا؛ لأن مَنْ عَلِمَ الله تعالى أنه سيُعمَّر كذا وكذا من الدهر؛ فإنَّ الله تعالى قد عَلِمَ وقدَّر أنه سيتغذى بالطعام والشراب، ويتنفس بالهواء ويسلم من الآفات القاتلة تلك المدة التي لا بد من استيفائها، والمسبب والسبب كل ذلك قد سبق في علم الله عز وجل كما هو لا يُبَدَّل، قال تعالى: (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29)) [ق: 29]
ولو كان على غير هذا لوجب البداء (?) ضرورة، ولكان غير عليم بما