لو كان كذلك لكان يجب على الرسول - صلى الله عليه وسلم - إزالة الشبهة، وتصريح الحق، وتبكيت ذلك القائل، وإظهار أنَّ هذه الكلمة منه صدرت. وثانيهما: لو فعل ذلك لكان ذلك أولى بالنقل». اهـ (?)

الجواب الرابع: أنَّ المراد بالغرانيق العلى: الملائكة (?)، وكان الكفار يقولون: الملائكة بنات الله، ويعبدونها، فَسِيقَ ذِكْرُ الكلِّ لِيَرُدَّ عليهم بقوله: (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى (21))؛ فلما سمعه المشركون حملوه على الجميع، وقالوا: قد عظَّم آلهتنا، ورضوا بذلك، فنسخ الله تلك الكلمتين وأحكم آياته.

وهذا جواب أبي جعفر النحاس. (?)

وذكره القاضي عياض جواباً آخر، على تسليم القصة. (?)

وتعقبه القشيري (?) فقال: «وهذا غير سديد؛ لقوله: (فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ) أي يبطله، وشفاعة الملائكة غير باطلة». اهـ (?)

الجواب الخامس: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يتكلم بقوله: (تلك الغرانيق العلى)، ولا الشيطان تكلم به، ولا أحد تكلم به، لكنه عليه السلام لما قرأ سورة النجم اشتبه الأمر على الكفار فحسبوا بعض ألفاظه مما رووه من قولهم: (تلك الغرانيق العلى) وذلك على حسب ما جرت العادة به من توهم بعض الكلمات على غير ما يقال.

ذكر هذا الجواب الفخر الرازي وتعقبه فقال: «وهو ضعيف لوجوه: أحدها: أنَّ التوهم في مثل ذلك إنما يصح فيما قد جرت العادة بسماعه، فأما غير المسموع فلا يقع ذلك فيه. وثانيها: أنه لو كان كذلك لوقع هذا التوهم لبعض السامعين دون البعض؛ فإن العادة مانعة من اتفاق الجم العظيم في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015