رأته مع جارية له، فقالت له: وعلى فراشي أيضاً! فجحد، فقالت له: إن كنت صادقاً فاقرأ القرآن، فالجُنُب لا يقرأ القرآن. فقال:
شَهِدْتُ بأَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ ... وأَنَّ النارَ مَثْوَى الكافِرِينا
وأَنَّ العَرْشَ فوْقَ الماءِ طافٍ ... وفوقَ العَرْشِ رَبُّ العالَمِينا
وتَحْمِلُه ملائكةٌ شِدادٌ ... ملائكةُ الإِلهِ مُسَوّمِينا
فقالت: آمنت بالله، وكذبت بصري. فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبره، فضحك، وأعجبه ما صنع. (?)
وقد اختلف أصحاب هذا المسلك في وجه إطلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - على تلك الكلمات التي قالها إبراهيم الخليل - عليه السلام - بأنها كذب، على أقوال:
الأول: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أطلق عليها الكذب من باب التجوز؛ لأنها في الحقيقة شبيهة بالكذب، لما فيها من إيهام السامع، وإخباره بخلاف ما يعتقده المتكلم، ولم يُرِدْ النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها من الكذب الذي هو قصد قول الباطل، والإخبار بضد ما في النفس، من غير غرض شرعي؛ لأن هذا لا يجوز في حق الأنبياء، عليهم السلام.
وهذا رأي: ابن قتيبة، والقاضي عياض، وابن عطية، وابن الجوزي، وابن جزي الكلبي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، والحافظ ابن كثير، والحافظ ابن حجر، والآلوسي. (?)