الإيراد الرابع: أنَّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَتُصَلِّي عَلَيْهِ وَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ» (?)، وفي رواية: «أَلَيْسَ قَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ» (?)، وهذا يدل على تقدم نزول آية النهي عن الاستغفار للمشركين، ومن في حكمهم.

والجواب: أنَّ هاتين الروايتين ذُكِرتا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وأما حديث ابن عباس فلفظه: «أَتُصَلِّي عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ وَقَدْ قَالَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، كَذَا وَكَذَا، أُعَدِّدُ عَلَيْهِ قوله» (?)، وهذه الرواية هي المحفوظة وهي أولى من رواية ابن عمر.

قال أبو العباس القرطبي: «الذي يظهر - والله تعالى أعلم - أنَّ البخاري ذكر هذا الحديث من رواية ابن عباس، وساقه سياقة هي أتقن من هذه، وليس فيها هذا اللفظ». ثم ذكر حديث ابن عباس وقال: «وهذا مساق حسن، وترتيب متقن، ليس فيه شيء من الإشكال المتقدم، فهو الأولى». اهـ (?)

ويحتمل أن يكون عمر - رضي الله عنه - فهم ذلك من قوله تعالى: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً)، يؤيد هذا الاحتمال: ما رواه ابن أبي حاتم (?)، عن عمر - رضي الله عنه - قال: «أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي على عبد الله بن أبي؛ فأخذتُ بثوبه فقلت: والله ما أمرك الله بهذا، لقد قال: (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لهم)»، وما رواه ابن مردويه (?)، عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: قال عمر: أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي عليه؟ قال: أين؟ قال: استغفر لهم، الآية». (?)

****