من ثنية عسفان (?)»، وفيه نزول الآية في ذلك، فهذه طرق يعضد بعضها بعضاً، وفيها دلالة على تأخر نزول الآية عن وفاة أبي طالب، ويؤيده أيضاً أنه قال يوم أحد بعد أنَّ شُجَّ وجهه: «رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون». (?)

قال: ويحتمل أن يكون نزول الآية تأخر، وإن كان سببها تقدم، ويكون لنزولها سببان: متقدم وهو أمر أبي طالب، ومتأخر وهو أمر آمنة، ويؤيد تأخير النزول استغفاره - صلى الله عليه وسلم - للمنافقين حتى نزل النهي عن ذلك؛ فإن ذلك يقتضي تأخير النزول وإن تقدم السبب، ويشير إلى ذلك أيضاً قوله في الحديث: «وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي أَبِي طَالِبٍ: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ)» (?)؛ لأنه يشعر بأن الآية الأولى نزلت في أبي طالب وفي غيره، والثانية نزلت فيه وحده، ويؤيد تعدد السبب ما أخرج أحمد، عن علي - رضي الله عنه - قال: «سَمِعْتُ رَجُلًا يَسْتَغْفِرُ لِأَبَوَيْهِ وَهُمَا مُشْرِكَانِ فَقُلْتُ: أَيَسْتَغْفِرُ الرَّجُلُ لِأَبَوَيْهِ وَهُمَا مُشْرِكَانِ؟ فَقَال: َ أَوَلَمْ يَسْتَغْفِرْ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ؟ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ فَنَزَلَتْ: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ)» (?)». اهـ (?)

قلت: ومما يؤكد تأخر نزول قوله تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) عن قصة أبي طالب:

1 - قوله في الآية: (وَالَّذِينَ آمَنُوا) وهذا يدل على أنَّ الاستغفار وقع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015