أفذاذاً من علماء المسلمين، ينفون عنهما انتحال المبطلين وتحريف الغالين، فكشفوا زيفَ تلك الشبه والأكاذيب، وأزاحوا الستار عن خطرها وكيدها، ثم نظروا بعد ذلك في الصحيحِ من سُنَّةِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيما يقع فيها من وهْمٍ وغَفْلةٍ، من رواةٍ ثقاتٍ عدول، فأبانوا عِللَها، وقَيَّدوا مُهْمَلَها، وأقاموا مُحرّفَها، وعانَوا سقيمها، وصححوا مُصحّفها (?)، وبيَّنوا أنَّ نصوص الوحيين حقٌّ وصدقٌ، لا تتعارض ولا تتناقض، وقد ألّفوا في ذلك تصانيف عِدَّة، اتخذها من جاء بعدهم قُدْوَة، فجزاهم الله عنا وعن سعيهم الحميدِ خير الجزاء، وجعلنا وإياهم عند لقائه من السعداء.

إلا أنَّ الأحاديثَ المُشْكِلَة - التي تتعلق بالتفسير - لا تزال تحتاجُ إلى مزيدٍ من الدراسةِ والتحقيق؛ إذ إنَّ علماءَنا - رحمهم الله - لم يفردوها بالدراسةِ على حِدة، وإنما كانت مبثوثةً في ثنايا كُتُبِهم؛ وقد يجد من يقفُ على بعضٍ من هذه الأحاديثِ صعوبةً في تحريرها، وجمعِ شتاتِ أقوالِ العلماء فيها، فتبقى الشبهةُ عالقةً في ذهنه دون جواب، ومن هذا المنطلقِ أحببتُ إفراد هذا الموضوعِ بالتصنيف، وعرضَ مسائِله بالدراسة والتحقيق، على منهجِ سلفِنا الصالحِ - رضوانُ الله عليهم - مُدعِّماً ذلك بأقوالهم وآرائِهم.

ويمكنُ إجمالُ أهميةِ الموضوعِ، وسببِ اختيارهِ في النقاط الآتية:

1 - أنه قد أُلّفَ في مشكلِ القرآنِ (?)، ومشكلِ الحديثِ (?)، على حين لم يُفردْ بالتصنيفِ الأحاديثُ التي تردُ في التفسير، وتُعدُّ: مشكلةً في ذاتها، أو يُوهِمُ ظاهرُها التعارضُ مع القرآنِ الكريم (?)، أو يُوهِمُ ظاهرُها التعارضُ فيما بينها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015