قال ابن فارس (?):
«الشين والكاف واللام، مُعظمُ بابِهِ المُماثَلة، تقول: هذا شَِكْل هذا، أي: مِثْلُه، ومن ذلك يُقال: أمرٌ مُشْكِل، كما يُقال: أمرٌ مُشْتبِه». اهـ (?)
تباينت آراء العلماء في تعريف المُشْكِل، فتعريفه عند الأصوليين يختلف عن تعريفه عند المُحَدِّثين والمفسرين، وسأذكر أولاً تعريفه عند أهل كلِّ فن، ثم أُبَيّن أوجه الفرق بين هذه التعريفات، ثم بعد هذا سأذكر تعريفاً جامعاً مانعاً يضبط معناه في اصطلاح المحدثين؛ لأن ما يعنينا في هذا البحث هو معناه في اصطلاح المحدثين دون الأصوليين، ثم أُتْبِع ذلك كله بتعريفٍ عامٍ للمشكل، يشمل معناه في اصطلاح الأصوليين، والمحدثين، والمفسرين.
أكثر من تناول تعريف المُشْكِل في اصطلاح الأصوليين هم علماء الحنفية، وقد عرَّفه السرخسي (?)، بقوله: «هو اسم لما يشتبه المراد منه، بدخوله في أشكاله على وجهٍ لا يُعرف المُراد إلا بدليل يتميز به من بين سائر الأشكال». اهـ (?)
وقد أوضح السرخسي مراده بهذا التعريف عند بيانه للفرق بين المُشْكِل والمجمل، فقال: «والمُشْكِل قريب من المجمل، ولهذا خفي على بعضهم فقالوا: المُشْكِل والمجمل سواء، ولكن بينهما فرق، فالتمييز بين الإشكال ـ ليوقف على المراد ـ قد يكون بدليل آخر، وقد يكون بالمبالغة في التأمل حتى يظهر به الراجح، فيتبين به المراد، فهو من هذا الوجه قريب من الخفي، ولكنه فوقه، فهناك الحاجة إلى التأمل في الصيغة وفي أشكالها، وحكمه