فَقُلْتُ: ارْتَحِلْ فَالْحَقْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ دَخَلَ صُهَيْبٌ يَبْكِي يَقُولُ: وَا أَخَاهُ وَا صَاحِبَاهُ، فَقَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه -: يَا صُهَيْبُ أَتَبْكِي عَلَيَّ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ"، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ - رضي الله عنه - ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَتْ: رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ، وَاللَّهِ مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ اللَّهَ لَيُعَذِّبُ الْمُؤْمِنَ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ"، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ لَيَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ"، وَقَالَتْ: حَسْبُكُمْ الْقُرْآنُ (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى). قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عِنْدَ ذَلِكَ: وَاللَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى. قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: وَاللَّهِ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا شَيْئًا". (?)

وقد ذهب الإمام الشافعي إلى تصويب عائشة رضي الله عنها فيما ذهبت إليه، حيث قال: "وما روت عائشة عن رسول الله أشبه أن يكون محفوظاً عنه - صلى الله عليه وسلم -، بدلالة الكتاب ثم السنة. فإن قيل: فأين دلالة الكتاب؟ قيل: في قوله عز وجل: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)، و (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)) [النجم: 39]، وقوله: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)) [الزلزلة: 7 - 8]، وقوله: (لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى) [طه: 15].

قال الشافعي: وعمرة أحفظ عن عائشة من ابن أبي مليكة، وحديثها أشبه الحديثين أن يكون محفوظاً؛ فإن كان الحديث على غير ما روى ابن أبي مليكة من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنهم ليبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها" فهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015