فإن قيل: إنَّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فلم قصرتم الآية على سببها؟
فالجواب: أننا لم نقصر الآية كلها على سببها، وإنما قصرنا وعيد الآخرة فقط، على أنه لا مانع من قصر اللفظ العام على سببه، لدليل يوجب ذلك؛ كقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)) [النور: 23].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "هذه الآية في أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة، في قول كثير من أهل العلم، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)) قال: نزلت في عائشة خاصة. (?) وعنه قال: هذه في عائشة وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يجعل لمن فعل ذلك توبة، وجعل لمن رمى امرأة من المؤمنات من غير أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - التوبة، ثم قرأ: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)) [النور: 4]، ولم يجعل لمن قذف امرأة من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - توبة، ثم تلا هذه الآية: (لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [النور: 23] (?). فقد بيّن ابن عباس أنَّ هذه الآية إنما نزلت فيمن يقذف عائشة وأمهات المؤمنين خاصة.