اللَّهُ صُوَرَهُمْ عَلَى النَّار، فَيَأْتُونَهُمْ وبَعْضُهُمْ قَدْ غَابَ في النَّارِ إلَى قَدَمِه، وإلَى أَنْصَافِ سَاقَيْه، فيَخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا، ثُمَّ يَعُودونَ فَيَقُولُ: اذْهَبوا، فَمَنْ وَجَدْتُمْ في قَلْبِه مثْقالَ نصْف دينارٍ فأَخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا، ثُمَّ يَعُودُونَ، فَيَقُولُ: اذْهَبُوا، فمَنْ وَجَدْتُمْ في قلْبه مِثقالَ ذرَّةٍ مِنْ إيمانٍ، فأَخْرِجُوهُ، فيُخْرِجُون مَنْ عَرَفُوا».
قالَ أبُو سَعيد: فإنْ لمْ تُصَدِّقُوا فاقْرَءُوا: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} فيَشْفعُ النَّبِيُّونَ والمَلاَئكَةُ والمُؤمِنُونَ، فيَقُولُ الجَبَّارُ: بَقِيَتْ شَفَاعَتي، فيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ، فَيُخْرِجُ أَقْواما قَدِ امْتُحِشُوا، فَيُلْقَوْنَ في نَهرٍ بِأَفْواهِ الجَنَّةِ، يُقَالُ لَهُ مَاءُ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ في حَافَتَيْهِ، كَمَا تَنْبُتُ الْحَبَّةُ في حَمِيل السَّيْلِ، قَدْ رَأَيْتُمُوهَا إلَى جَانِب الصَّخْرَةِ: إلى جَانِب الشَّجَرَةِ، فَمَا كانَ إلَى الشَّمْسِ مِنْهَا كانَ أَخْضَرَ، وَما كانَ مِنْها إلى الظِّلِّ كانَ أبْيَضَ، فَيَخْرُجُونَ كأَنَّهُمْ اللُّؤلُوُ، فيُجْعَلُ في رِقابِهِمُ الْخَوَاتِيمُ، فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ: هَؤلاَءِ عُتَقَاءُ الرَّحْمنِ، أَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ، وَلاَ خَيْرٍ قَدَّمُوهُ، فَيُقالُ لَهُم: لَكُمْ ما رَأَيْتُمْ وَمِثْلُهُ مَعَهُ.