اسْتَأْذَنَا عَلَى عَائِشَةَ، فَقالاَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، أَنَدْخُلُ قَالَتْ عائِشَةُ: ادْخُلُوا قالُوا: كُلُّنَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ، ادْخُلُوا كُلُّكمْ، وَلاَ تَعْلَمُ أَنَّ مَعَهُما ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَلَمَّا دَخَلُوا، دَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْحِجَابَ فَاعْتَنَقَ عَائِشَةَ، وَطَفِقَ يُناشِدُهَا ويَبْكِي، وطَفِقَ الْمِسْوَرُ وعَبْدُ الرَّحْمنِ يُناشِدَانِهَا إلاَّ ما كَلَّمَتْهُ وَقَبَلتْ مِنْه، وَيَقُولان: إنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَمَّا عَمِلْتِ، مِنَ الْهِجْرَةِ، فَإنَّهُ لاَ يَحِلُّ لِمْسِلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثلاَث لَيالٍ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَى عائشَةَ مِنَ التَّذْكِرَةِ وَالتَّحْرِيجَ، طَفَقَتْ تُذَكِّرُهُمَا وَتَبْكي، وَتَقُولُ: إنِّي نَذَرْتُ، وَالنَّذْرُ شَديدٌ، فَلَمْ يَزَالا بِهَا، حَتَّى كَلَّمَتْ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَأَعْتَقَتْ في نَذْرِهَا ذَلِكَ أَرْبَعِينَ رَقَبَةً وكانَتْ تَذْكُرُ نَذْرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَتَبْكي حَتَّى تَبُلَّ دُمُوعُها خِمَارَهَا.