فَوَجَدْنَا كَفًّا مِنْ شَعِيرٍ، فَطَحَنَتْهُ وَعَجَنَتْهُ، وَخَبَزَتْ مِنْهُ قُرْصَيْنِ، وَطَلَبَتْ شَيْئًا مِنَ اللَّبَنِ مِنْ جَارَةٍ لَهَا أَنْصَارِيَّةٍ، فَصَبَّتْ عَلَى الْقُرْصَيْنِ، وَقَالَتْ: اذْهَبْ فَادْعُ بِأَبِي طَلْحَةَ تَأْكُلانِ جَمِيعًا.
فَخَرَجْتُ أَشْتَدُّ فَرَحًا لِمَا أُرِيدُ أَنْ آكُلَ، فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا وَأَصَحَابِهِ، فَدَنَوْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: إِنَّ أُمِّي تَدْعُوكَ.
فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: «قُومُوا» ، فَجَاءَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَرِيبٍ مِنْ مَنْزِلِنَا، فَقَالَ لِأَبِي طَلْحَةَ: «هَلْ صَنَعْتُمْ شَيْئًا دَعَوْتُمُونَا إِلَيْهِ؟» فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِ نَبِيًّا، مَا دَخَلَ فَمِي مُنْذُ غُدَاةِ أَمْسٍ شَيْءٌ، قَالَ: «فَلِأَيِّ شَيْءٍ دَعَتْنَا أُمُّ سُلَيْمٍ؟ ادْخُلْ فَانْظُرْ» .
فَدَخَلَ أَبُو طَلْحَةَ، فَقَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، لِأَيِّ شَيْءٍ دَعَوْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: مَا فَعَلْتُ غَيْرَ أَنِّي اتَّخَذْتُ قُرْصَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ، وَطَلَبْتُ مِنْ جَارَتِي الْأَنْصَارِيَّةِ لَبَنًا فَصَبَبْتُ عَلَى الْقُرْصَيْنِ، وَقُلْتُ لِابْنِي أَنَسٍ: اذْهَبْ فَادْعُ أَبَا طَلْحَةَ تَأْكُلانِ جَمِيعًا.
فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ، فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ادْخُلْ بِنَا يَا أَنَسُ» .
فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَبُو طَلْحَةَ , وَأَنَا مَعَهُمْ، فَقَالَ: «يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، ائْتِينِي بِقُرْصِكِ» .
فَأَتَتْهُ بِهِ، فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَبَسَطَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى الْقُرْصِ،