عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله عز وجل: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} إلى آخر الآية، قال: كان رجل من بني إسرائيل فاتحًا - أي فتح الله له مالا - فمات فورثه ابن له تافه - أي: فاسد - فكان يعمل في مال الله بمعاصي الله. فلما رأى ذلك إخوان أبيه أتوا الفتى فعذلوه ولاموه، فضجر الفتى فباع عقاره بصامت، ثم رحل فأتى عينا ثجاجَة فسرَح فيها ماله، وابتنى قصرًا. فبينما هو ذات يوم جالس إذ شمَلت عليه ريح بامرأة من أحسن الناس وجهًا وأطيبهم أرَجا - أي: ريحًا - فقالت: من أنت يا عبد الله؟ فقال: أنا امرؤ من بني إسرائيل قالت: فلك هذا القصر، وهذا المال؟ قال: نعم. قالت: فهل لك من زوجة؟ قال: لا. قالت: فكيف يَهْنيك العيش ولا زوجة لك؟ قال: قد كان ذلك. فهل لك من بَعل؟ قالت: لا. قال: فهل لك إلى أن أتزوجك؟ قالت: إني امرأة منك على مسيرة ميل، فإذا كان غد فتزوّد زاد يوم وأتني، وإن رأيت في طريقك هولا فلا يَهُولنَّكَ. فلما كان من الغد تزود زاد يوم، وانطلق فانتهى إلى قصر، فقرع رتاجه، فخرج إليه شاب من أحسن الناس وجهًا وأطيبهم أرَجًا - أي: ريحًا - فقال: من أنت يا عبد الله؟ فقال: أنا الإسرائيلي. قال فما حاجتك؟ قال: دعتني صاحبة هذا القصر إلى نفسها. قال: صدقت، قال فهل رأيت في طريقك هولا؟ قال: نعم، ولولا أنها أخبرتني أن لا بأس عليّ، لهالني الذي رأيت؛ أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل، إذا أنا بكلبة فاتحة فاها، ففزعت، فَوَثَبت فإذا أنا من ورائها، وإذا جراؤها ينبحن في بطنها. فقال له الشاب: لست تدرك هذا، هذا يكون في آخر الزمان، يقاعد الغلام المشيخة في مجلسهم ويَبُزّهم حديثهم.
قال: ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل، إذا أنا بمائة عنز حُفَّل، وإذا فيها جَدْي يمصّها، فإذا أتى عليها وظن أنه لم يترك شيئًا، فتح فاه يلتمس الزيادة. فقال: لست تدرك هذا، هذا يكون في آخر الزمان، ملك يجمع صامت الناس كلّهم، حتى إذا ظن أنه لم يترك شيئًا فتح فاه يلتمس الزيادة.
قال: ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا بشجر، فأعجبني غصن من شجرة منها ناضر، فأردت قطعة، فنادتني شجرة أخرى: "يا عبد الله، مني فخذ". حتى ناداني الشجر أجمع: "يا عبد الله، منا فخذ". قال: لست تدرك هذا، هذا يكون في آخر الزمان، يقل الرجال ويكثر النساء،