يصح أيضًا. وقد صرح جماعة من الحفاظ بوضعه - وإن كان في سنن أبي داود - منهم شيخنا الحافظ الكبير أبو الحجاج المِزِّي، فَسَح الله في عمره، ونَسَأ في أجله، وختم له بصالح عمله، وقد أفردت لهذا الحديث جزءًا على حدة، ولله الحمد.
وقد تصدى الإمام أبو جعفر بن جرير للإنكار على هذا الحديث، ورده أتم رد، وقال: لا يُعَرف في الصحابة أحد اسمه السجِل، وكُتَّاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معروفون، وليس فيهم أحد اسمه السجل، وصَدَق رحمه الله في ذلك، وهو من أقوى الأدلة على نَكَارة هذا الحديث. وأما مَنْ ذكر في أسماء الصحابة هذا، فإنما اعتمد على هذا الحديث، لا على غيره، والله أعلم. والصحيح عن ابن عباس أن السجل هي الصحيفة، قاله علي بن أبي طلحة والعوفي، عنه. ونص على ذلك مجاهد، وقتادة، وغير واحد. واختاره ابن جرير؛ لأنه المعروف في اللغة، فعلى هذا يكون معنى الكلام: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} أي: على [هذا] الكتاب، بمعنى المكتوب، كقوله: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} [الصافات: 103]، أي: على الجبين، وله نظائر في اللغة، والله أعلم. (الأنبياء: 104)
570 - عن أنس بن مالك - رفع الحديث - قال: "المولود حتى يبلغ الحنث، ما عمل من حسنة، كتبت لوالده أو لوالدته وما عمل من سيئة لم تكتب عليه ولا على والديه، فإذا بلغ الحنث جرى الله عليه القلم أمر الملكان اللذان معه أن يحفظا وأن يشددا، فإذا بلغ أربعين سنة في الإسلام أمنه الله من البلايا الثلاث: الجنون، والجذام، والبرص. فإذا بلغ الخمسين، خفف الله حسابه. فإذا بلغ ستين رزقه الله الإنابة إليه بما يحب، فإذا بلغ السبعين أحبه أهل السماء، فإذا بلغ الثمانين كتب الله حسناته وتجاوز عن سيئاته، فإذا بلغ التسعين غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وشفعه في أهل بيته، وكان أسير الله في أرضه، فإذا بلغ أرذل العمر {لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا} كتب الله له مثل ما كان يعمل في