آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} قال: قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} آدم {حَمَلَتْ [حَمْلا خَفِيفًا]} فأتاهما إبليس - لعنه الله - فقال: إنى صاحبكما الذي أخرجتكما من الجنة لَتطيعُنِّي أو لأجعلنَّ قرني له أيل فيخرج من بطنك فيشقه، ولأفعلنَّ ولأفعلنَّ - يخوفهما - فسمِّياه "عبد الحارث" فأبيا أن يطيعاه، فخرج ميتا، ثم حملت الثانية، فأتاهما أيضا فقال: أنا صاحبكما الذي فعلت ما فعلت، لتفعلُنَّ أو لأفعلَنَّ - يخوفهما - فأبيا أن يطيعاه، فخرج ميتا، ثم حملت الثالثة فأتاهما أيضا، فذكر لهما، فأدركهما حبُّ الولد، فسمياه "عبد الحارث"، فذلك قوله: {جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} رواه ابن أبي حاتم.
وقد تلقى هذا الأثر عن ابن عباس جماعة من أصحابه، كمجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة. ومن الطبقة الثانية: قتادة، والسدي، وغير واحد من السلف وجماعة من الخلف، ومن المفسرين من المتأخرين جماعات لا يحصون كثرة، وكأنه - والله أعلم - أصله مأخوذ من أهل الكتاب، فإن ابن عباس رواه عن أُبي بن كعب، كما رواه ابن أبي حاتم:
حدثنا أبي، حدثنا أبو الجماهر حدثنا سعيد - يعني ابن بشير - عن عقبة، عن قتادة، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن أُبي بن كعب قال: لما حملت حواء أتاها الشيطان، فقال لها: أتطيعيني ويَسْلَم لك ولدك؟ سميه "عبد الحارث"، فلم تفعلْ، فولدت فمات، ثم حملت فقال لها مثل ذلك، فلم تفعل. ثم حملت الثالث فجاءها فقال: إن تطيعيني يسلم، وإلا فإنه يكون بَهِيمة، فهيَّبهما فأطاعا.
وهذه الآثار يظهر عليها - والله أعلم - أنها من آثار أهل الكتاب، وقد صح الحديث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "إذا حَدَّثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم"، ثم أخبارهم على ثلاثة أقسام: فمنها: ما علمنا صحته بما دل عليه الدليل من كتاب الله أو سنة رسوله. ومنها ما علمنا كذبه، بما دُلَّ على خلافه من الكتاب والسنة أيضًا. ومنها: ما هو مسكوت عنه، فهو المأذون في روايته، بقوله، عليه السلام: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حَرج" وهو الذي لا يصدَّق ولا يكذب، لقوله: "فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم".
وهذا الأثر: [هل] هو من القسم الثاني أو الثالث؟ فيه نظر. فأما من حدث به من