المذكور فكان إذا مرَّ من الألفاظ ما يتراءى مخالفته لقوانين اللسان العربي سأل الشرف عن الرواية فيه، فإن أجاب بأنه كذلك شرع ابن مالك في توجيهه حسب إمكانه، ومن ثم جمع كتابه المسمى: "شواهد التوضيح" مع كونه لم يستوعب ذلك، ومن ذا ينهض بما نهض به ابن مالك أو ما يوازيه علمًا وعملاً، وإتقانًا وورعًا، أو من أحاط علمًا بحفظ اللغة وجمع دواوينها حتى يسوغ له أن يقول: إنه لم يسمع خصيص فدلك كعلم الحديث والفقه بحر لا ساحل له، غاية الماهر مراجعة القاموس ولسان العرب والاقتصار عليهما لا يسوغ إطلاق النفي، بل كل حصر في باب متسع الانتشار منتقد في الغالب، ومن العجيب من استدل باقتصار الفارابي في ديوان الأدب على خمسة ألفاف في باب فعيل، وثمانية في باب فعيلي وزعم صراحته في أنه ليس لنا خصيص على وزن فعيل حتى يثنى على خصيصي مع كون الفارابي لم يدع الحصر، ولو ادعاه لرد عليه في الوزن الأول بخريت وخريج وحديث وحريف وفسيق ومسيك وعريض لمن يتعرض للناس بالشر وسجيل وسجين وغيرها. وفي الثاني بخصيصي وربيبي وهجيري وحجيري وحديثي وخليفي وغيرها، بل من الوزن الأول صديق وهو كل من صدق بكل ما أمر الله به على لسان أنبيائه بغير شك، ولا امتراء وهو دائم الصدق وقد ثبت قطعًا جمعه بقوله تعالى: (والصديقين) وما ثبت جمعه جمع تصحيح ثبتت تثنيته.
وإذا تقرر هذا، فالتثنية في كلام القاضي بالنظر لشيئين، وهما: