فقلت: كان صلى الله عليه وسلم أولاً يسدل شعر رأسه أي يرخيه ويرسله على هيئته يعني إن لم يطل، أو من ورائه يعني إن طال ليستقيم الجمع بين التفسيرين، ثم صار صلى الله عليه وسلم يقسمه يمينًا وشمالاً كاشفًا له عن جبينه، وينتهي استرساله إما إلى مكنبيه أو إلى شحمه أذنيه على اختلاف الروايتين التي جمع بينهما بأن ما خلفه أو الطويل منه هو الذي يضرب المنكبين وما يلي أذنيه أو القصير منه هو الذي يبلغ الشحمة وهو الذي ينزل بين الأذن والعاتق، وذلك هو المسمى بالفرق ولا يكون إلا مع كثرة الشعر وطوله. وكان صلى الله عليه وسلم ربما طال شعره عن المنكبين حتى يصير ذؤابة ويتخذ منه عقائص وضفائر كما في حديث أم هانئ رضي الله عنها، ولكن هذا كما أفاده شيخنا رحمه الله محمول على الحالة التي يتعهد عهده بتعهد شعره فيها كالسفر ونحوه، لا أنه كان يلازم الضفائر، ويشير إلى هذا كون أم هانيء في حديثها المشار إليه قالت: إنها رأته كذلك حين قدم عليهم مكة ـ تعني في فتحها ـ وكذا يستأنس له بقوله صلى الله عليه وسلم لوائل بن حجر رضي الله عنه لما جز شعره حين فهم أمرالنبي صلى الله عليه وسلم له بذلك لما رآه طويلاً "لم أعنك". وهذا أحسن.