التفضيل بين أنبياء الله مع العلم بأن نبينا صلى الله عليه وسلم أفضل خلق الله، وقيل: إنا نهي عنه من يقول برأيه لا من يقوله بدليل، أو من يقوله بحيث يؤدي إلى تنقيص المفضول أو يؤدي إلى الخصومة والتنازع، أو المراد: لا تفضلوا بجميع أنواع الفضائل بحيث لا يترك المفضول فضيلة كالإمام مثلاً إذا قلنا إنه أفضل من المؤذن لا يستلزم نقص فضيلة المؤذن بالنسبة إلى الأذان، وقيل: النهي عن التفضيل إنما هو في حق النبوة نفسها لقوله تعالى: (لا نفرق بين أحد من رسله) ولم ينه عن تفضيل بعض الذوات على بعض لقوله: (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بضع) الآية، وبالجملة فالكلام في هذا المقام يفتقر لعمل كثير ولا يخلو من خطر وزلل.
وقيل: لمناسبة تتعلق بالحكمة في الاقتصار على هؤلاء دون غيرهم من الأنبياء ما أشير به إلى ما سيقع له صلى الله عليه وسلم مع قومه من نظير ماوقع لكل منهم.
فأما آدم، فوقع التنبيه بما وقع له من الخروج من الجنة إلى الأرض بما سيقع للنبي صلى الله عليه وسلم من الهجرة إلى المدينة، والجامع بينهما ما حصل لكل منهما من المشقة وكراهة فراق ما ألفه من الوطن ثم كان عاقبة كل منهما أن يرجع إلى وطنه الذي أخرج منه وبعيسى ويحيى على ما وقع له أول الهجرة من عداوة اليهود وتماليهم على البغي عليه وإرادتهم وصول السوء إليه وبيوسف على ما وقع له مع إخوته بما وقع له من قريش في نصبهم الحرب وإرادتهمم هلاكه وكانت العاقبة له وقد أشار إلى ذلك بقوله لقريش يوم الفتح: أقول كما قال يوسف: لا تثريب عليكم. وبإدريس على رفع منزلته عند الله تعالى، وبهارون على أن قومه رجعوا إلى محبته بعد أن