«بحمد الله والصلاة عليَّ» كما بينت كل ذلك في جزء مفرد في الكلام على هذا الحديث، وبما قررناه في حصول المقصود بواحد مما ذكر، يجاب عن الأحاديث التي وردت في دعائه صلى الله عليه وسلم عقب الصلاة، وليس فيها التصريح بالبداءة بالحمد ولا بالتسوية، وكذا عن قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: «أوصيك يا معاذ بكلمات لا تدعهن في دبر كل صلاة أن تقول: رب أعني على شكرك، وذكرك، وحسن عبادتك»، لأن أكثرها مسبوقة بأذكار، أو يجاب عنها بالاكتفاء بما ابتدأ به الصلاة من التكبير، ودعاء الاستفتاح، والحمد، أو أنه لبيان الجواز، نعم. يروى أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا قضى صلاته مسح جبهته بيده اليمنى، ثم يقول: «بسم الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، اللهم أذهب عني الهم والحزن» وفي لفظ: كان إذا صلى وفرغ من صلاته مسح بيمينه على رأسه وقال: «بسم الله الذي لا إله غيره، الرحمن الرحيم، اللهم» وذكره. وفي حديث لجابر رضي الله عنه قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقول خلف كل صلاة: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أبديت وما أخفيت، أنت إلهي، لا إله إلا أنت».
ولابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من الصلاة قال: «لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد» وعن عائشة رضي الله عنها نحوه، وفي تخريجها واستيفاء ما يشبهها طول، حصل الغرض بدونه، وبالجملة فالأكمل الابتداء بالحمد، أو ما يقوم مقامه، مما فيه تمجيد وثناء، عملاً بحديث فضالة، وإن كان أصل السنة يحصل بمجرد الذكر،