الآية حملها العلماء على ما إذا كانوا على حالتهم التي خلقوا عليها، وما سبق لنا محمول على حالة تطورهم بغير طورهم كما تقدم لنا التصريح بذلك فافهم
الجواب: يأتي بيان الكيفية بعد ذكر ما أقدمه لك حتى يسهل عليك إدرك ذلك، فاعلم أيها السائل أن الله تعالى خلق الخلق على أنحاء حسبما تقدم في علمه، فمنها الأجسام الكثيفة ومنها الأجسام اللطيفة، فأصحاب الأجسام الكثيفة تدوم معهم صورهم التي وجدوا عليها ولا يمكنهم الانتقال عنها باختيارهم البتة، وأما أصحاب الأجسام اللطيفة كالملائكة والجن والشياطين فهؤلاء مكنهم الله تعالى من التشكل بصور الأنبياء والرسل إكراما لهم - عليهم الصلاة والسلام - وحفظا من التلبيس على المؤمنين، والعمدة فيما ذكرته النقل ليس إلا، والعقل لا دخل له البتة وورد في حديث صفية أم المؤمنين من البخاري في باب اعتكافه صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم، انظر الحديث بتمامه هناك، وورد أن الشيطان يأكل ويشرب بشماله، وورد أن من لم يسم الله عند إرادة الجماع أو الأكل أو الشرب أو الدخول في الفراش يجامع الشيطان معه ويأكل ويشرب معه ويدخل معه في فراشه وغير ذلك من الأحاديث مما يحيله العقل ويثبته الشرع، فيجب على كل مسلم أن يستسلم لما ورد في الشرع وإن لم يدركه عقله؛ لأننا قررنا سابقا أن العقل في عقال عن مثل هذه الأمور التي لا سبيل له في إدراكها، ويجب عليه أن يكف نفسه