ثلب المتقدمين وأطبقوا بأجمعهم على إلحاق المذمة ونفي المحمدة عن المتأخرين، وأهرفوا ومدحوا أفرادا شاكلوهم وجعلوهم في مناط الثريا، وقبلوا منهم كل ما ورد عنهم من غير تبصر ولا ثنيا، ولو خالف ما تلقوه عنهم صريح القرآن وكذا الواضح من سنة وسيرة سيد ولد عدنان، تكلموا على الآيات والأحاديث بما زينت لهم أنفسهم ونزلوها غير المنازل المرادة منها؛ ليوافقوا الملحدين من أهل الطبيعة وغيرهم، يخالفون صريح اللغة العربية التي نزل بها القرآن ويحيدون عن ظاهر الآيات بلا داع غير الهوى، ويعدلون عن الأحاديث الصريحة وأقوال السلف المشهود لهم بالخيرية، وكذا يميلون عن أئمة الخلف ويتشبثون بأقوال الحكماء وآراء الكشافين المبنية عن الحرز والتخمين لا تفيد ظنا فضلا عن يقين، بل لا تفيد إلا الشكوك والأوهام فصاحبها لا يصير بها أبا الحصين فضلا عن ضرغام، فحال من يعدل عن خبر من قال في شأنه رب السماوات العلا {ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} إلى من ضل وغوى وما ينطق إلا عن الهوى أعني رصده وحرزه وتخمينه حال شقاوة وضلال ونكال في الحال إن لم يتب وفي المآل تركوا المنهج الواضح المستقيم الخليق ولجوا في الترهات وبنيات الطريق سائرين سير الأهوج وتبختروا تبختر يابس الشق الأعوج، ونظروا نظر الأخوص الأرمص، وأمعنوا في نظرهم إمعان الأحوص لمزوا أهل الفضل والدين ونبزوا بالألقاب المخلة أهل العلم واليقين تفننوا في أساليب الكلام