والتعيين أرجح من تعريفه بالنظر إلى أنه اجتهادٌ في إلغاء الفارق؛ لأن الحذف والتعيين هو الأصل الذي يتوجه إليه الاجتهاد في " تنقيح المناط "، وقد يكون ذلك بإلغاء الفارق أو السَّبْر والتقسيم كما سيأتي بيانه (?).
ثالثاً: إن الاجتهاد في إلغاء الفارق لا يُحْتَاج معه إلى الوصف الجامع بين الأصل والفرع وهو العِلَّة، بل يقال فيه: لم يوجد بين هذا المنطوق به والمسكوت عنه فرقٌ يؤثر في الحُكْم ألبتة، فهو مثله في الحُكْم؛ لأن الإلحاق بنفي الفارق لا يدل على أن الوصف المعين عِلَّةً، وإنما يدل على أن عِلَّة الأصل من حيث الجملة مُتَحَقِّقَةٌ في الفرع من غير تعيين (?).
أما الاجتهاد في الحذف والتعيين فإن الباقي من الأوصاف هو الذي يتعين عِلَّةً للحُكْم، وذلك بعد حذف الأوصاف غير المؤثرة.
ومع اختلاف الطريقة في كلٍّ منهما إلا أن نتيجتهما تُلْزِم بالتسوية بين الأصل والفرع في الحُكْم؛ لاشتراكهما في الموجب له، غير أن العِلَّة في الطريقة الأولى لم تتعين، وإنما حصل الإلحاق بمجرد إلغاء الوصف الفارق، وفي الطريقة الثانية تعين الباقي من الأوصاف المذكورة في النصِّ عِلَّة للحُكْم بعد حذف الأوصاف غير المُعْتَبَرة.
ولهذا فقد أطلق بعض الأصوليين كتاج الدين ابن السُّبكي (?)، وصفي الدين الهندي (?) مُسمىَّ " تنقيح المناط " على إلحاق المسكوت عنه بالمنصوص عليه بإلغاء الفارق.
كما اعتبر بعض الأصوليين "إلغاء الفارق" ضرباً من " تنقيح المناط ".
قال الطُّوفي: " لا بأس بتسمية إلغاء الفارق تنقيحاً؛ إذ إنَّ التنقيح هو