لمصطلح "الاجتهاد في المناط" كما هو شأنهم مع باقي الاصطلاحات الدائرة في هذا العلم.

وقد اسْتُعمِل هذا المصطلح في مؤلفات أصول الفقه منذ زمنٍ مُبَكِّر، وحسب استقرائي تبين لي أن أقدم كتابٍ مطبوعٍ في أصول الفقه وَرَدَ فيه ذكر أنواع الاجتهاد في المناط هو كتاب: "رسالة في أصول الفقه" لأبي علي الحسن بن شهاب العُكْبَري الحنبلي المتوفَّى سنة (428 هـ) أي في القرن الخامس الهجري، حيث عرَّف "الاجتهاد"، ثم ذكر أنه على ثلاثة أضرب: تحقيق المناط، وتنقيح المناط، وتخريج المناط، ثم عرَّف كلَّ نوع، وساق مثالاً عليه يوضح المقصود منه (?).

ثم جاء من بعده أبو حامد الغزالي المتوفَّى سنة (505 هـ) فوضع مقدمتين على كتاب القياس في "المستصفى"، عَنْوَنَ للمقدمة الثانية بقوله: " مقدمةٌ في حصر مجاري الاجتهاد في العِلَل " (?)، وذكر أن المقصود بالعِلَّة في الشرعيات: مناط الحُكْم.

ثم أوضح أنواع الاجتهاد في العِلَّة فقال " والاجتهاد في العِلَّة: إما أن يكون في تحقيق مناط الحكم، أو في تنقيح مناط الحُكْم، أو في تخريج مناط الحُكْم " (?)، ثم عرَّف الأنواع الثلاثة، وذكر أمثلةً عليها (?).

وبهذا يكون الغزالي حصر الأنواع الثلاثة تحت مُسمَّى" الاجتهاد في العِلَّة "، وليس كما صنع أبوعلي العُكْبَري حيث أطلق لفظ " الاجتهاد " ولم يقيده بالعِلَل، ثم ذكر تحته أنواع الاجتهاد في العِلَّة الشرعيَّة المتعلِّقة بالأقيسة، وربما أن العُكْبَري قد تسامح في إطلاق لفظ " الاجتهاد " على القياس كما يصنع بعض الفقهاء (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015