الأعمال التي تؤول إلى فسادٍ مُعتبَر , وهي في ذاتها لامفسدةَ فيها" (?).
ومن هذا التعريف يمكن أن نستخلص ثلاثة قيودٍ ينضبط بها معنى سدِّ الذرائع عند الأصوليين , وهي:
الأول: أن الوسيلة المتوسَّل بها في أصلها مباحة؛ لأن الوسائل المحُرْمَة في ذاتها إنما حُرِّمت لكونها في نفسها فساداً فلايخالف في ذلك أحد , وليست هذه الصورة مما نحن فيه (?).
والثاني: أن الأمر المتوسَّل إليه لابدَّ أن يكون محظوراً في الشرع؛ لأنه لو لم يكن كذلك لما حصل منع الوسيلة المفضية إليه.
والثالث: أن الوسيلة لابدَّ أن تفضي غالباً إلى مفسدةٍ راجحة؛ لأن العبرة بغالب الظنّ , وغالب الظنِّ يجري مجرى العلم في الأحكام (?).
فإذا كانت الوسيلة تفضي نادراً إلى مفسدةٍ فإنها لاتُمْنَع؛ لأن النادر لاحُكْم له (?).
قال الشاطبي: " ما يكون أداؤه إلى المفسدة نادراً فهو على أصله من الإذن؛ لأن المصلحة إذا كانت غالبةً فلا اعتبار بالندور في انخرامها، إذ لا توجد في العادة مصلحةٌ عريَّةٌ عن المفسدة جملة, إلا أن الشارع إنما اعتبر في مجاري الشرع غلبة المصلحة، ولم يُعْتَبر ندور المفسدة إجراءً للشرعيات مجرى العاديات في الوجود" (?).
وكذلك إذا كانت الوسيلة تفضي إلى مفسدةٍ مرجوحةٍ فإنها تُمنَع؛ لأن المصالح الراجحة مقدَّمةٌ على المفاسد المرجوحة (?).