واستدلوا على ذلك بأدلة منها:
أولاً: عمل الصحابة رضي الله عنهم بالمصلحة المرسلة حتى حُكِيَ في ذلك إجماعهم , حيث إن الصحابة رضوان الله عليهم عملوا أموراً لمُطْلَق المصلحة لا لتقدم شاهدٍ بالاعتبار، نحو: كتابة المصحف ولم يتقدم فيه أمرٌ ولا نظير، وولاية العهد من أبي بكر لعمر رضي الله عنهما ولم يتقدم فيها أمرٌ ولا نظير، وكذلك ترك الخلافة شورى, وتدوين الدواوين , وعمل السّكة للمسلمين ,واتخاذ السجن , وهدّ الأوقاف التي بإزاء مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- والتوسعة بها في المسجد عند ضيقه، وذلك كثيرٌ جداً, وإنما عملوا ذلك لمُطْلَق المصلحة لا لتقدم شاهدٍ معينٍ بالاعتبار (?).
ثانياً: أنه ثبت بالاستقراء أن هذه الشريعة مبنيَّةٌ على المصالح للخلق في الدنيا والآخرة، وبناء الأحكام على المصالح المُرْسَلة فيه تحقيقٌ لمصالح الخلق فتكون حُجَّةً.
قال العز بن عبدالسلام: " التكاليف كلها راجعةٌ إلى مصالح العباد في دنياهم وأخراهم" (?).
وقال الفخر الرازي: " لما تأملنا الشرائع وجدنا الأحكام والمصالح متقارنين لا ينفك أحدهما عن الآخر، وذلك معلومٌ بعد استقرار أوضاع الشرائع " (?).
والقائلون باعتبار المصلحة المرسلة دليلاً تثبت به الأحكام الشرعيَّة لم يقولوا بذلك على إطلاقه , بل قيدوا ذلك بشروطٍ تضع هذا الدليل في موضعه الصحيح , وتحفظ أحكام الشرع من اتباع الأهواء.
وشروط العمل بالمصلحة المرسلة هي: