وقد ذهب إلى القول به, واعتباره دليلاً مستقلاً بذاته: الحنفية، والمالكية , والحنابلة (?).

واستنكره الشافعية ,وشنَّعوا على القائلين به , باعتبار أنه عملٌ بلا دليل (?).

وإذا تحرَّر معنى الاستحسان المُعتبَر عند القائلين به لم يَعُد استنكار الشافعية وتشنيعهم في محلِّه؛ لأن الكلَّ متفقٌ على العدول عن القياس بالنصِّ والإجماع والضرورة , كما إنهم متفقون على عدم شرعيَّة الاستحسان بمجرَّد الرأي والهوى.

وعليه فلا خلاف بين الأصوليين في حُجيِّة الاستحسان بالنصِّ، أو الإجماع، أو الضرورة؛ لأنه بالاتفاق يُترَك القياس بهذه الأمور الثلاثة , وإن اختلفوا في تسمية ذلك بالاستحسان.

قال الغزالي تعقيباً على ماذكره من أمثلة الحنفية في العدول بالمسألة عن حُكْم نظائرها بدليل الكتاب والسُّنَّة: " وهذا مما لا يُنْكَر، وإنما يرجع الاستنكار إلى اللفظ , وتخصيص هذا النوع من الدليل بتسميته استحساناً من بين سائر الأدلة" (?).

وذكر الآمدي أن تفسير الاستحسان بالرجوع عن حُكْم دليلٍ خاصٍّ إلى مقابله بدليلٍ طارئٍ عليه أقوى منه , من نصٍّ أو إجماعٍ أو غيره , لا نزاع في صحة الاحتجاج به، وإن نوزع في تلقيبه بالاستحسان , فحاصل النزاع راجعٌ فيه إلى الإطلاقات اللفظية، ولا حاصل له (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015