استنباط، أو كان مقتضى لفظٍ عامٍّ أو مطلقٍ تعلَّق به حُكْمٌ شرعي (?).

قال الغزالي: " الحُكْم في الأشخاص التي ليست متناهيةً إنما يتمُّ بمقدمتين: كُليَّة، كقولنا: كلُّ مطعوم ربوي، وجزئيَّة، كقولنا: هذا النبات مطعومٌ أو الزعفران مطعوم، وكقولنا: كلُّ مُسْكِرٍ حرام، وهذا الشراب بعينه مُسْكِر، وكلُّ عدْلٍ مُصَدَّق، وزيدٌ عَدْل، وكلُّ زانٍ مرجوم، وماعز قد زنى فهو إذاً مرجوم، ، والمقدمة الجزئية هي التي لا تتناهى مجاريها فيضطر فيها إلى الاجتهاد لا محالة، وهو اجتهادٌ في تحقيق مناط الحكم، وليس ذلك بقياس, أما المقدمة الكليَّة فتشتمل على مناط الحُكْم وروابطه، وذلك يمكن التنصيص عليه بالروابط الكليَّة، كقوله: كلُّ مطعوم ربويٍّ بدلاً عن قوله: لا تبيعوا البُرَّ بالبُرِّ، وكقوله: كلُّ مُسْكِرٍ حرام بدلاً عن قوله: حرّمت الخمر، وإذا أتى بهذه الألفاظ العامّة وقع الاستغناء عن استنباط مناط الحكم، واستغني عن القياس، هذا مع أنه يمكن منازعة هذا القائل بأنه لم يجب استيعاب جميع الصور بالحكم، ولم يَسْتَحِلْ خلو بعضها عن الحكم، فإنه في المقدمة الجزئية أيضا يمكن أن يُرَدَّ فيه إلى اليقين، فيقال: من تيقنتم صدقه، وما تيقنتم كونه مطعوماً أو مُسْكِراً فاحكموا به، وما لم تتيقنوا به فاتركوه على حُكْم الأصل، إلا أن هذا لا يجري في جميع الجزئيات؛ لأنه لا سبيل إلى تيقُّن صدق الشهود، وعدالة القضاة، والولاة، ولا سبيل إلى تعطيل الأحكام، وكذلك لا سبيل إلى تقديرٍ متيقَّنٍ في كفاية الأقارب، وأروش المتلفات، فإن التكثير فيه إلى حصول اليقين ربما يضرُّ بجانب الموجَب عليه كما يضرُّ التقليل بجانب الموجَب له، فالاجتهاد في تحقيق مناط الحُكْم ضرورةٌ أما في تخريج المناط وتنقيح المناط فلا" (?).

خامساً: إذا كان المناط عِلَّةً ثبتت بنصٍّ أو إجماعٍ أو استنباط، وثبت المناط في حُكْم الأصل قطعاً , ثم ثبت وجوده كذلك في الفرع كان القياس قطعياً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015