ويُناط الحُكْم بالمعنى الأعم؛ لأن الوصف المذكور ليس عِلَّةً لذاته بل لما يلازمه.

وتُعَدُّ هذه الصورة إحدى صور الاجتهاد في تنقيح المناط كما تقدم (?).

ويُشْتَرط في صحة هذا النوع من التصرُّف الاجتهادي: أن لا يرجع الوصف المستنبط - العِلَّة- على حُكْم الأصل بالإبطال (?).

وذلك حتى لا يفضي إلى ترك الراجح واعتبار المرجوح؛ إذ الظنُّ المستفاد من النصِّ أقوى من المستفاد من الاستنباط؛ لأنه فرعٌ لهذا الحكم، والفرع لا يرجع على إبطال أصله، وإلا لزم أن يرجع إلى نفسه بالإبطال (?).

ومثاله: قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار" (?).

قال النووي: " ذهب العلماء كافَّةً من الطوائف كلِّها إلى أن الحَجَر ليس متعيناً , بل تقوم الخِرَق والخشب وغير ذلك مقامَه , وأن المعني فيه كونه مزيلاً , وهذا يحصل بغير الحَجَر ... ويدل على عدم تعيين الحجر نهيه صلى الله عليه وسلم عن العظام والبَعَر والرجيع , ولو كان الحَجَر متعيناً لنهى عما سواه مطلقاً ... " (?).

والضابط في ذلك: " كلُّ جامدٍ طاهرٍ مُزيلٍ للعين ليس له حُرْمَة ولا هو جزءٌ من حيوان " (?).

قال المرداوي: " وهو استنباطٌ يعود بالتعميم، كما في " وليستنج بثلاثة أحجار " يُعَمَّم في الخِرَق ونحوها، وفي " لا يقضي القاضي وهو غضبان " يُعمَّم في كلِّ ما يشوش الفكر، ولا يعود بالإبطال" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015