بل إن أكثر الأصوليين قدَّم الإجماع في مبحث مسالك العِلَّة على مسلك النصّ؛ وذلك باعتبار أن الإجماع أقوى, حيث لايتطرق إليه احتمال النسخ والتأويل, بينما ظواهر الكتاب والسُّنَّة تحتمل النسخ والتأويل (?).
قال الأمين الشنقيطي: "ومرادهم بالإجماع الذي يُقَدَّم على النصِّ خصوص الاجماع القطعي دون الاجماع الظني، وضابط الإجماع القطعي هو الإجماع القولي، لا السكوتي، بشرط أن يكون مُشاهَداً أو منقولاً بعدد التواتر في جميع طبقات السَّند" (?).
وقدَّم بعضهم النصَّ على الإجماع , وذلك باعتبار أن النصَّ أشرف من غيره, وكونُه مستند الإجماع (?).
قال الزركشي: " وهو مقدَّمٌ في الرتبة على الظواهر من النصوص؛ لأنه لا يتطرق إليه احتمال النسخ, ومنهم من قدَّم الكلام على النصِّ لشرفه" (?).
واعتبر الشوكاني تقديم مسلك الإجماع على مسلك النصّ , أو مسلك النصِّ على مسلك الإجماع " مجرَّد اصطلاحٍ في التأليف، فلا مشاحَّة فيه" (?).
والمراد بالإجماع -هنا-: اتفاق مجتهدي الأُمَّة في عصرٍ من الأعصار بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على كون الوصف الجامع الفلاني عِلَّةً لحُكْم الأصل الفلاني (?).