وتُعَدُّ هذه الصورة - أيضاً- من صور الاجتهاد في تنقيح المناط كما تقدم (?).

ومثاله: قصة الأعرابي الذي جامع أهله في رمضان، وجاء يضرب صدره وينتف شعره - كما في بعض الروايات - ويقول: هلكت، واقعت أهلي في نهار رمضان، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أعتق رقبة" (?).

فكونه أعرابياً، وكونه يضرب صدره، وينتف شعره، وكون الموطوءة زوجته، وكونه واقع أهله في ذلك الشهر بعينه، كُلُّها أوصافٌ لا تصلح للعِلِّية فَتُحْذَف عن درجة الاعتبار، ويُنَاطُ الحُكْم بالوصف الباقي الصالح للتعليل، وهو ... " وقاع مكلَّفٍ في نهار رمضان "، فَيُلْحق بالأعرابي غير الأعرابي، ويُلْحَق به مَنْ جامع في رمضان آخر، ويُلْحَق به مَنْ وطِئَ أَمَتَه، ويُلْحَق به الزاني (?).

خامسا: قد يثبت الحُكْم بنصِّ السُّنَّة دون أن تتعرض لمناطه لا صراحةً ولا إيماءً , فيُجْتَهَد حينئذٍ في استخراجه بأحد المسالك الاجتهادية كالمناسبة (?) أو السَّبْر ... والتقسيم (?) أو الدوران (?).

ومن الأمثلة على ذلك:

- قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تبيعوا البُرَّ بالبُرِّ إلا مثلاً بمثل " (?) فهذا النصُّ لم يتضمن ما يدلُّ على عِلَّة تحريم الرِّبا في البُرِّ لا صراحةً ولا إيماءً، فيُجْتَهَد في استنباط عِلَّة الحُكْم بالنظر والاجتهاد القائم على الدلائل الشرعيَّة، فيقال - مثلاً -: عِلَّة تحريم الرِّبا في البُرِّ الطعم، أو الاقتيات، أو الكيل، أو غير ذلك (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015