ومن الأمثلة على الإيماء والتنبيه الكاشف عن مناطات الأحكام في السُّنَّة النبوية:
- قوله صلى الله عليه وسلم: " من اقتنى كلباً إلا كلب صيدٍ أو ماشيةٍ نقص من أجره كلَّ يومٍ قيراطان " (?).
حيث رتَّب الحُكْم الذي هو نقصان الأجر على الوصف الذي هو اقتناء الكلب -لا لصيدٍ أو ماشية- بصيغة الجزاء , فتكون العِلَّة في نقصان الأجر هو الاقتناء لغير حاجة , وهو من أنواع الإيماء بالعِلَّة؛ لأن الجزاء يعقب شرطه ويلازمه، ولا معنى للسبب إلا ما يثبت عقب الحُكْم ويوجد بوجوده (?).
ثانيا: النصُّ من أهم المسالك المُعْتَبرة في تنقيح مناطات الأحكام , وهويشمل نصوص الكتاب والسُّنَّة , وماعُلِم من عادتهما في شرع الأحكام.
وقد تقدَّم أن تنقيح المناط له صورتان: (?)
الأولى: أن يدل نصٌّ ظاهرٌ على تعليل الحُكْم بوصف , فيُحذَف خصوص ذلك الوصف عن الاعتبار , ويُناط الحُكْم بالمعنى الأعم.
والثانية: أن يدل نصٌّ ظاهرٌ على تعليل الحُكْم بمجموع أوصاف، فيُحذَف بعضها عن الاعتبار، ويُناط الحُكْم بالباقي من الأوصاف.
وحاصل هاتين الصورتين أنه اجتهادٌ في الحذف والتعيين كما تقدَّم (?)، وكلاهما لابدَّ أن يُسْتَنَدُ فيه إلى دليلٍ شرعي؛ لأن الشرع كما اختصَّ بتقرير الأحكام فقد اختصَّ - أيضاً- باعتبار الأوصاف المؤثرة في تلك الأحكام وعدم اعتبارها كذلك , فلزم الرجوع إلى شواهد الشرع (?).