بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم , وقرنها بطاعته , وحذَّر من مخالفة أمره.
قال الشافعي: " وضع الله رسوله من دينه وفرْضِه وكتابه، الموضعَ الذي أبان - جل ثناؤه - أنه جعله عَلَمًا لدينه، بما افترض من طاعته، وحرَّم من معصيته، وأبان من فضيلته، بما قَرَن من الإيمان برسولَه مع الإيمان به" (?).
ثانياً: إن لزوم العمل بالقرآن يقتضي لزوم العمل بالسُّنَّة؛ لأنها بيانٌ للقرآن , فهي تخصِّص عمومه , وتقيِّد مُطْلَقَه , وتوضِّح مُشْكِلَه , وتفصِّل مُجْمَلَه ,ولايمكن الاستغناء بحالٍ عن السُّنَّةُ في فهم القرآن الكريم.
قال الشاطبي: " السُّنَّةً راجعةٌ في معناها إلى الكتاب؛ فهي تفصيل مُجْمَلِه، وبيان مُشْكِلِه، وبَسْطِ مُخْتَصَرِه؛ وذلك لأنها بيانٌ له .. " (?).
قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44].
وبيان الرسول صلى الله عليه وسلم للقرآن يشمل أنواع البيان كافّة , سواءً كان بالأقوال , أو الأفعال , أو التقريرات (?).
ومن ذلك: أن القرآن الكريم تضمَّن فرائض مُجْمَلَةً تحتاج إلى البيان في كيفياتها , ومقاديرها , ومواقيتها , ونحو ذلك , كالصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها , فجاءت السُّنَّة القولية والفعلية والتقريرية ببيان كيفياتها , ومقاديرها , ومواقيتها (?).
وهذا المعنى يستلزم القول بحُجِّية السُّنَّة؛ لأنه لايمكن العمل بالفرائض المُجْمَلَة في القرآن إلا بالعلم بالسُّنَّة، والعملِ بمقتضاها في تلك الفرائض , فدلَّ ذلك على اعتبارها دليلاً على الأحكام الشرعيَّة لايجوز الحيد عنه.
ولهذا فإنه: "لا ينبغي في الاستنباط من القرآن الاقتصار عليه دون النظر في شرحه وبيانه وهو السُّنَّة؛ لأنه إذا كان كليَّاً وفيه أمورٌ جُمْليَّةٌ كما في شأن