وأجيب عنه: بأن ذلك مأخوذٌ من كتاب الله في الحقيقة؛ لأن كتاب الله تعالى أوجب علينا إتباع الرسول صلى الله عليه وسلم , وفرضَ علينا الأخذ بقوله , وحذَّرنا من مخالفته (?).
والاجتهاد في استخراج المعاني والأوصاف التي أنيطت بها الأحكام في الكتاب, وتنقيحها , والتحقُّق من ثبوتها في الأفراد والجزئيات غير المتناهية , من أكمل مراتب تحصيل العلم بمسائل الأحكام.
قال الشاطبي: " لابدَّ في كلِّ مسألةٍ يُراد تحصيل علمها على أكمل الوجوه أن يُلْتَفَت إلى أصلها في القرآن، فإن وُجدت منصوصاً على عينها أو ذُكِر نوعها أو جنسها؛ فذاك، وإلا فمراتب النظر فيها متعدِّدة" (?).
ثالثاً: إن مناط الحُكْم لابدَّ له من دليلٍ يشهد له بالاعتبار (?).
وهو ماعبَّر عنه الأصوليون ب "مسالك العِلَّة", أي: الطرق الدالة على العِلَّة، وتنحصر في ثلاثة أنواع: النصّ, والإجماع, والاستنباط (?).
والنصُّ يشمل الكتاب والسُّنَّة وهو نوعان:
النصُّ الصريح في التعليل، وهو: " أن يُذْكَر دليلٌ من الكتاب أو السُّنَّة على التعليل بالوصف بلفظٍ موضوعٍ له في اللغة من غير احتياجٍ فيه إلى نظرٍ واستدلال " (?).
قال الآمدي: " وهو قسمان: الأول: ما صرَّح فيه بكون الوصف عِلَّةً أو سبباً للحُكْم الفلاني، وذلك كما لو قال: العِلَّة كذا أو السبب كذا, القسم الثاني: ما ورد فيه حرفٌ من حروف التعليل كاللام، وكي، ومن، وإنَّ، والباء" (?).