والضابط الكُلِّيُّ الجامع في الموازنة بين المصالح والمفاسد المتعارضة في محلٍّ واحدٍ هو: ترجيح الأعظم منها، فإن كانت جهة المصلحة أعظم كان جلب المصلحة أولى من درء المفسدة، وإن كانت جهة المفسدة أعظم كان درء المفسدة أولى من جلب المصلحة، وذلك بحسب مقاصد الشارع التي هي عماد الدِّين والدنيا لا بحسب أهواء النفوس، وعلى ذلك جرت تصرفات الشارع الحكيم (?).
قال ابن تيمية: "العمل إذا اشتمل على مصلحةٍ ومفسدةٍ فإن الشارع حكيم، فإن غلبت مصلحته على مفسدته شَرَعَهُ، وإن غلبت مفسدته على مصلحته لم يشرعه، بل نهى عنه" (?).
وعلى هذا فإن الاجتهاد في إثبات مُتعلَّق حُكْمٍ شرعيٍّ في بعض أفراده يستلزم الموازنة بين المصالح والمفاسد؛ لأن مقصود الشريعة من وضع الأحكام هو جلب المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها، وهذا المقصد لابدَّ من اعتباره أثناء الاجتهاد في تحقيق مناطات الأحكام في الأحوال والأشخاص.