وتتعلَّق بحفظ نوعٍ واحدٍ من الكليَّات الخمس كالدِّين أو النفس أو العقل أو النسل أو المال، إلا أن بعضها يتعلَّق بالعموم، وبعضها يتعلَّق بالخصوص، فإنه يُقْدَم درء المفاسد العامّة على المفاسد الخاصّة، ويُتَحَمَّل الضرر الخاص لدفع الضرر العام (?).

مثاله: جواز التسعير إذا تواطأ التُّجار على رفع أسعار السلع الضرورية وبيعها بغنىً فاحش؛ وذلك لأنَّ المفسدة في رفع أسعار تلك السلع تتعلَّق بعموم الناس، ومفسدة التسعير بثمن المثل تتعلَّق بخصوص التُّجار، فَيُقَدَّم درء المفسدة العامَّة على المفسدة الخاصَّة (?).

والضابط الكليُّ الجامع في الموازنة بين المفاسد المتعارضة هو: دفع أعظم المفسدتين بارتكاب أدناهما وأخفِّهما ضرراً، وذلك بحسب مقاصد النظر إلى الشرع لا من حيث أهواء النفوس.

القسم الثالث: الموازنة بين المصالح والمفاسد المتعارضة.

إذا تعارضت عدَّة مصالحٍ ومفاسد في محلٍّ واحدٍ، وتعذَّر تحصيل المصالح ودرء المفاسد معاً، فإنه يُصَار للترجيح بينها بحسب ما يأتي:

- إذا كانت المصالح والمفاسد المتعارضة مختلفةً في مراتبها، بأن كانت المصالح تتعلَّق - مثلاً - بالضروريات، والمفاسد تتعلَّق بالحاجيات أو التحسينيات، فإنه يُقَدَّم طلب المصلحة على درء المفسدة؛ لأنها أعظم رتبةً من الأخرى (?).

مثاله: جواز التلفُّظ بكلمة الكفر لمن أُكِره على ذلك وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان؛ لأن حفظ المُهَج والأرواج مصلحةٌ ضروريةٌ أكمل من مفسدة التلفُّظ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015