وكذلك سائر تكليفاته " (?).
وذلك لأن تحقيق المناط من مستلزمات الامتثال لأحكام الشريعة؛ إذ لا يُتَصَوّر الامتثال بدون معرفة المكلَّف به، ومعرفةُ المكلَّف به منوطةٌ بإثبات مُتَعَلَّق الحُكْم في ذلك الشيء، وهو الاجتهاد في تحقيق المناط (?).
قال الشاطبي في بيان منزلة هذا الدليل: " وهو أوضح دليلٍ في المسألة" (?).
الدليل الرابع: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يراعي اختلاف الأحوال والأشخاص، وينزِّل الأحكام على كلِّ مكلَّفٍ بما يليق به، ويتحقَّق معه مقصود الشريعة في ذلك الحُكْم، وهذا يستلزم إثبات مُتَعَلَّق حُكْمٍ شرعيٍّ في محلٍّ ما، وهو تصرُّفٌ يدل على صحة اعتبار هذا النوع من الاجتهاد، ومن ذلك:
أولاً: سُئِل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوقاتٍ مختلفةٍ عن أفضل الأعمال فأجاب بإجاباتٍ مختلفةٍ، كلُّ إجابةٍ لو حُمِلت على إطلاقها أو عمومها لاقتضى ذلك التضادَّ مع غيره في التفضيل، ولكن التفضيل لم يقع مطلقاً، إنما كان بحسب اختلاف الأحوال والأشخاص (?).
فقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئِل: أيُّ العمل أفضل؟ قال: إيمانٌ بالله ورسوله، قال: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قال: ثم ماذا؟ قال: حجٌّ مبرور" (?).
وعن ابن مسعود (?) رضي الله عنه قال: " سأَلْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أيُّ العمل أحبُّ إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أيُّ؟ قال ثم ... بِرُّ الوالدين، قلت: ثم