وقد اقتصر الغزالي في "المستصفى" (?) في بيان معنى تحقيق المناط على ضرب أمثلةٍ لهذا النوع، ثم قال: " فلنعبِّر عن هذا الجنس بـ" تحقيق مناط الحُكْم "؛ لأن المناط معلومٌ بنصٍّ أو إجماعٍ لا حاجة إلى استنباطه، لكن تعذَّرت معرفته باليقين، فاسُتُدِلَّ عليه بأماراتٍ ظنية، وهذا لا خلاف فيه بين الأُمَّة، وهو نوع اجتهاد .. " (?).

ولهذا فقد صرَّح ابن قدامة (?) والطُّوفي (?) وابن بدران (?) أن هذا النوع لا يُعْتَبر من القياس؛ لأن تحقيق المناط اجتهادٌ أعمُّ من القياس.

النوع الثاني: أن تُعْرَف عِلَّة الحُكْم في الأصل بنصٍّ أو إجماع، فيتبين المجتهدُ وجودَها في الفرع.

ومثاله: أن يقال:

الطواف عِلَّةٌ لطهارة الهِرة، بناءً على قوله صلى الله عليه وسلم: " إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عيكم والطوافات" (?)، والطواف موجودٌ في الفأرة ونحوها من صغار الحشرات، فإثبات وجود عِلَّة حُكْم الأصل -وهي: الطواف- في الفأرة ونحوها من صغار الحشرات، يطلق عليه مُسمَّى: "تحقيق المناط".

وقد اكتفى ابن قدامة في بيان معنى تحقيق المناط بذكر هذين النوعين مع ضرب الأمثلة عليها، دون أن يضع تعريفاً لهذا الاصطلاح (?).

التعريف الرابع:

عرَّفه ابن تيمية بقوله: "أن يعلِّق الشارع الحُكْمَ بمعنىً كليٍّ فينظر في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015