واعتُرضَ عليه: بأن الطَّرْد والعَكْس يغلب على الظنِّ انتصابُ الجاري فيهما عَلَمَاً في وضع الشرع، فمن أنكر ذلك في طريق الظنون فقد عاند، ومن ادَّعى أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يأبون التعلُّق بطريقٍ يغلب على الظنِّ مراد الشارع، وكان يخصُّون نظرهم بمغلِّبٍ فقد ادَّعى بِدْعَاً (?).

الترجيح:

بعد النظر في المذاهب المتقدمة، وأدلة أصحابها، وما يتوجّه إليها من الاعتراضات، يترجح - والعلم عند الله -: مذهب جمهور الأصوليين، وهو أن مسلك الدوران يفيد العِلَّية ظناً بشرط عدم المُزَاحِم وعدم المانع؛ وذلك لقوة أدلتهم، وسلامتها من المُعَارِض الراجح.

المطلب الثالث: صورة تخريج المناط بمسلك الدوران.

تقدَّم أن تخريج المناط هو: استنباط عِلَّة الحُكْم الذي دلَّ النصُّ أو الإجماعُ عليه، ولم يتعرَّض لبيان عِلَّته لا صراحةً ولا إيماءً (?).

كما تقدَّم أن الدوران هو: أن يثبت الحُكْم بثبوت وصفٍ وينتفي عند انتفائه (?).

وإذا كان الأمر كذلك فإن تخريج المناط بمسلك الدوران يعني: استنباط عِلَّة الحُكْم الذي دلّ النصُّ أو الإجماعُ عليه، ولم يتعرَّض لبيان عِلَّته لا صراحةً ولا إيماءً، وذلك بالاستدلال على أن الحُكْم يدور مع وصفٍ وجوداً وعدماً، فيوجد عند وجوده، وينعدم عند عدمه.

وصورته: أن يحُكْم الشارع بحُكْمٍ في محلّ، ولا يتعرَّض لبيان عِلَّة ذلك الحُكْم لا بصريح لفظٍ ولا بإيماء، فيستنبط المجتهد وصفاً يدور الحُكْم معه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015