المطلب الخامس: صورة تخريج المناط بمسلك السَّبْر والتقسيم.

تقدَّم أن تخريج المناط هو: استنباط عِلَّة الحُكْم الذي دلَّ النصُّ أو الإجماعُ عليه من غير تعرُّضٍ لبيان عِلَّته لا صراحةً ولا إيماءً (?).

كما تقدَّم أن السَّبْر والتقسيم هو: حصر الأوصاف الموجودة في الأصل المقيس عليه، وإبطال ما لا يصلح منها للعِلِّية، فيتعين الباقي عِلَّةً (?).

وإذا كان الأمر كذلك فإن تخريج المناط بمسلك السَّبْر والتقسيم يعني: استنباط عِلَّة الحُكْم الذي دلَّ النصُّ أو الإجماعُ عليه من غير تعرُّضٍ لبيان عِلَّته لا صراحةً ولا إيماءً، وذلك بحصر الأوصاف الموجودة في الأصل المحتمِلة للتعليل، وإبطال ما لا يصلح منها للعِلِّيَّة، فيتعيَّن الباقي عِلَّة.

وصورته: أن يحُكْم الشارع في محلٍّ بحُكْم، ولا يتعرَّض لبيان عِلَّة ذلك الحُكْم لا بصريح لفظٍ ولا بإيماء، فيحصر المجتهدُ الأوصافَ الموجودة في الأصل المحتمِلة للتعليل، ثم يختبر تلك الأوصاف واحداً واحداً، ويبطل ما لا يصلح أن يكون عِلَّةً لذلك الحُكْم بدليله، فيتعيَّن الوصفُ الباقي مناطاً للحُكْم.

ومثاله: تحريم بيع البُرِّ بالبُرِّ متفاضلاً في قوله صلى الله عليه وسلم: ... " الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبُرُّ بالبُرِّ، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواءً بسواء، يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد " (?).

فالحديث نصٌّ صريحٌ على تحريم بيع البُرِّ بالبُرِّ متفاضلاً، ولم يتعرَّض النصُّ لبيان عِلَّة الحُكْم لا بصريح لفظٍ ولا بإيماء، فيحصر المجتهدُ الأوصافَ الموجودة في الأصل المحتمِلة للتعليل، وهي: الكيل، والطعم، والاقتيات،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015