القسم الثالث: ما لم يُعْلَم من الشرع إلغاؤه ولا اعتباره.

والمراد بذلك: أن الوصف لم يشهد له دليلٌ معينٌ بالإلغاء أو الاعتبار، وهو- أي: الوصف - ملائمٌ لتصرفات الشارع في الجملة (?).

ويُسمَّى هذا الوصف بـ: "المناسب المرسل" (?).

وهو دليلٌ مستقلٌّ خارجٌ عن قياس العِلَّة؛ لأن القياس لابدَّ له من أصلٍ معينٍ يشهد له الشارع بالإلغاء أو الاعتبار، بخلاف المصلحة المرسلة فإنها لا ترجع إلى أصلٍ معيَّنٍ ولكنها ترجع إلى أصلٍ كليٍّ عُلِمت ملائمته لتصرفات الشرع في الجملة (?).

ومن أمثلته: اتخاذ السجون، وضرب النقود، وتدوين الدواوين، وتسجيل العقود، وتشكيل الوزارات التي ترعى مصالح المسلمين (?).

وبهذا التقسيم للمناسب يتبين أن ما عُلِمَ من الشارع اعتباره فهو مقبولٌ ويصح التعليل به، وما عُلِمَ من الشارع إلغاؤه فهو مردودٌ ولا يصح التعليل به، وما لم يشهد له دليلٌ معينٌ بالإلغاء أو الاعتبار فهو من قبيل "المصالح المرسلة "، وسيأتي البحث في حجيته (?).

وهذا التقسيم للمناسب إنما هو بحسب اعتبار الشارع له وعدمه، وإلا فإن أقسام المناسب بحسب درجاته لا تكاد تنحصر.

قال الغزالي: " ولا يمكن ضبط درجات المناسبة أصلاً، بل لكلِّ مسألةٍ ذوقٌ آخر ينبغي أن ينظر فيه المجتهد " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015