تكون معرِّفاتٍ جاريةً في إفادة التعريف مجرى القول، فيكون ذلك توقيفاً .. " (?).
ثم عدَّد -رحمه الله- أنواعاً من التعريف بالقول فقال: "أما إذا عُرِف بالقول فتارةً يُعْرَف بلفظٍ صريح، وتارةً بظاهرٍ كاللفظ العام، وتارةً بلفظٍ خاصٍ كُنِّيَ به العام على سبيل التجوِّز في لسان العرب، وتارةً بإيماء القول وإشارته لا بصريح الملفوظ، وتارةً بتضمن القول واقتضائه. . . وتارةً بمفهوم القول وقصده إلى تخصيص بعض الأشياء بالذكر ليفهم نفي الحُكْم عما عداه، وتارةً بسياق الكلام الذي أُنْشِىَء الكلام له .. " (?).
وكما أن مدارك التوقيف من جهة الشارع لا تنحصر في مجرَّد النصِّ فكذلك لا تنحصر مداركه في الأقوال والأفعال، بل يثبت التوقيف أيضاً بتتبع عادة الشارع في الأحكام إثباتاً ونفياً، وهو من أغمض وأدقِّ جهات التوقيف.
قال الغزالي: "فهذه جهات تعريفه -أي: الشارع- وأغمضُها التعريفُ بالعادة، وإليها استناد القياس، ولأجل خفائه لم يدركه بعض الناس ولم يعرفه من جملة المدارك، فظنَّ أن مدارك التعريف محصورةً في الأقوال والأفعال .. " (?).
وإذا كان تنقيح المناط وتمييزه عن غيره من الأوصاف غير المؤثِّرة لا يثبت إلا بتوقيفٍ من الشرع فحينئذٍ لابد من دليلٍ يستند إليه، وطريقٍ شرعيٍّ يثبت به هذا النوع من الاجتهاد.
قال الآمدي: "وأما تنقيح المناط فهو: النظر والاجتهاد في تعيين ما دلَّ النصُّ على كونه عِلَّةً من غير تعيين بحذف ما لا مدخل له في الاعتبار مما اقترن به من الأوصاف، كلُّ واحدٍ بطريقه .. " (?).
ولما ساق قصة الأعرابي الذي واقع أهله في نهار رمضان قيَّد الاجتهاد