الفصل الخامس
طرق تنقيح المناط
تقدَّم أن تنقيح المناط له صورتان (?):
الأولى: أن يدل نصٌّ ظاهرٌ على تعليل الحُكْم بوصفٍ، فَيُحْذَف خصوص ذلك الوصف عن الاعتبار، ويناط الحُكْم بالمعنى الأعمّ.
والثانية: أن يدل نصٌّ ظاهرٌ على تعليل الحُكْم بمجموع أوصافٍ، فَيُحْذَف بعضها عن الاعتبار، ويناط الحُكْم بالباقي من الأوصاف.
وفي كلتا الصورتين فإن وظيفة تنقيح المناط تتركَّز في تهذيب العِلَّة وتمييزها عن الأوصاف غير المؤثرة بعد إثباتها بمسلك النصِّ أو الإيماء والتنبيه، وذلك يقوم على ركنين (?):
الأول: إسقاط ما لا مدخل له من الأوصاف عن درجة الاعتبار.
والثاني: إظهار وتعيين ما له مدخلٌ من الأوصاف في الاعتبار.
وحاصله أنه اجتهادٌ في الحذف والتعيين كما تقدَّم (?)، وهو اجتهادٌ لا يقوم على التحُكُّم والتشهي، بل لابدَّ فيه من دليلٍ يُسْتَنَد إليه وطريقٍ شرعيٍّ يثبت به؛ لأن الشرع هو الذي اختصَّ باعتبار تلك الأوصاف مؤثرةً في الأحكام وعدم اعتبارها كذلك، ولا يُعْلَمُ ذلك إلا بدليلٍ من جهته.
قال الغزالي: " ومُدْرَكُه - أي: تنقيح المناط - شواهد الشرع، وإبقاء ما