وهذه العِلَّة إما أن تكون " الكيل" أو " الطُّعْم" أو " القوت "، ثم يختبر تلك الأوصاف ويُبطل ما لا يصلح أن يكون عِلَّةً، والباقي من الأوصاف يتعين عِلَّةً للحُكْم، فيبطل - مثلاً - " القوت " و " الكيل " فلا يبقى إلا " الطُّعم " فيكون عِلَّةً للحُكْم، أو يبطل - مثلاً - " الطُّعم "، و" الكيل " فلا يبقى إلا " القوت " فيكون عِلَّةً للحُكْم (?).
ورغم أن " التقسيم " متقدمٌ في الترتيب الخارجي على " السَّبْر" إلا أنه في اصطلاح الأصوليين كما هو ظاهرٌ في لقب المسلك قُدِّم " السَّبْر" على " التقسيم "؛ لأن " السَّبْر" هو المقصد الأهم في الدلالة على العِلِّية، و" التقسيم " يُعْتَبر وسيلةً إليه، والعادة تقديم الأهمِّ على غيره، والمقصد على الوسيلة (?).
قال الطُّوفي: " ولو حملنا قولهم: " السَّبْر والتقسيم " على معنى سَبْر العِلَّة بتقسيم الأوصاف لعاد إلى ما قاله - أي: القرافي - إذ ذلك يفيد أن التقسيم سببٌ للسَّبْر " (?).
أو يُقال: إن السَّبْر وإن تأخر عن التقسيم فهو متقدِّم عليه أيضاً؛ لأنه أولاً يَسْبُر المحلَّ هل فيه أوصافٌ أم لا ثم يقسِّم، ثم يَسْبُر ثانياً، فقُدِّم " السَّبْر" في اللفظ باعتبار السَّبْر الأول (?).