أنه بالتأمل يلزم عن ذلك تبعاً حذف خصوصية الوصف الذي دلَّ ظاهر النصِّ على عِلِّيته صراحةً أو إيماءً، وإناطة الحُكْم بالمعنى الأعمّ الذي هو أحد صور تنقيح المناط كما سبق (?)، فإلحاق الأَمَة بالعبد في السراية بناءً على إلغاء الوصف الفارق وهو أن العبد مُذَكَّرٌ وأن الأَمَة مؤنَّثٌ يلزم عنه حذف خصوصية الوصف وهو الذكورة في العبد، وإناطة الحُكْم بالمعنى الأعمّ وهو العبودية، ولكن ذلك غير منظورٍ إليه بالقصد الأصلي عند أصحاب الاتجاه الثاني؛ لأن المقصود - عندهم - هو إلغاء تأثير الوصف الفارق في الحُكْم ليس إلا، ولا ينفي ذلك حصول الجمع بين الصورتين، ولكن بالقصد الثاني (?).

قال صفي الدين الهندي: " تُعْلَم العِلَّة لنفي ما عداها عن درجة الاعتبار باستقراء أحكام الشرع، فيحصل نفي الفارق بين الصورتين بالقصد الأول، ويحصل الجمع بينهما بالقصد الثاني" (?).

أما أصحاب الاتجاه الثالث الذين يُعتبرون إلغاء الفارق من أقسام تنقيح المناط فإنهم نظروا إلى أن إلغاء الفارق طريقٌ إلى حذف خصوصية الوصف الذي دلَّ ظاهر النصِّ على عِلِّيته صراحةً أو إيماءً وإناطة الحُكْم بالمعنى الأعمِّ، ولذلك قسَّموا تنقيح المناط إلى قسمين كما سبق (?)، قسمٌ يكون فيه تنقيح المناط بإلغاء الفارق، وقسمٌ يكون فيه تنقيح المناط بالحذف والتعيين (?).

فمن نظر إلى أن المقصود من إلغاء الفارق هو إلغاء الوصف الفارق بين الأصل والفرع ببيان أنه لا أثر له في الحُكْم، وليس فيه تعيينٌ للعِلَّة، فرَّق بناءً على ذلك بين تنقيح المناط وإلغاء الفارق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015