تهذيبه، وتنقيح المناط: تهذيب العِلَّة وتمييزها من بين عِدَّة أوصافٍ لا مدخل لها في العِلِّية، وهذا اصطلاحٌ مناسب (?).
ولهذا قال الغزالي: " نرى أن يُلَقَّب هذا القياس بتنقيح مناط الحُكْم ومُتَعَلَّقِه" (?).
أما تفريق الحنفية بينه وبين القياس بأن القياس ما أُلْحِقَ فيه حُكْمٌ آخر بجامعٍ يفيد غَلَبَة الظن، والاستدلال ما أُلْحِقَ فيه الحُكْم بإلغاء الفارق المفيد للقطع، فقد أجاب عنه صفي الدين الهندي بقوله: " والحقُّ أن تنقيح المناط قياسٌ خاصٌّ مندرجٌ تحت مُطْلَق القياس، وهو عامُّ يتناوله وغيرَه، وكلُّ واحدٍ من القياسين- أعني ما يكون الإلحاق بذكر الجامع وبإلغاء الفارق - يُحْتَمَلُ أن يكون ظنياً وهو الأكثر؛ إذ قلما يوجد الدليل القاطع على أن الجامع عِلَّة، أو أن ما به الامتياز لا مدخل له في العِلِّية، وقد يكون قطعياً بأن يوجد ذلك فيه، نعم حصول القطع فيما فيه الإلحاق بإلغاء الفارق أكثر من الذي فيه الإلحاق بذكر الجامع، لكن ليس ذلك فرقاً في المعنى بل في الوقوع، وحينئذٍ ظهر أنه لا فرق بينهما في المعنى " (?).
وذهب الأبياري (?) وابن تيمية إلى أن " تنقيح المناط " خارجٌ عن باب القياس المتنازع فيه، وهو راجعٌ إلى نوعٍ من تأويل الظواهر يتناول كلَّ حُكْمٍ تعلَّق بعينٍ معينةٍ مع العلم بأنه لا يختص بها، فيحتاج أن يُعْرف المناط الذي تعلَّق به ذلك الحُكْم.
قال الأبياري: " هو خارجٌ عن القياس، وكأنه يرجع إلى تأويل الظواهر" (?).
وقال ابن تيمية: " وهذا بابٌ واسع، وهو متناولٌ لكلِّ حُكْمٍ تعلَّق بعينٍ