أَبِيْ مُوْسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: اخْتَلَفَ رَهْطٌ مِنَ الْمُهَاجِرِيْنَ والْأَنْصَارِِ فَقَالَ: الْأَنْصَارِيُّوْنَ: لَا يَجِبُ الْغُسْلِ إِلَّا فِي الدَّفْقِ أَوْمِنَ الْمَاءِ. وَقَالَ الْمُهَاجِرُوْنَ: بَلْ إِذَا خَالَطَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ. فَقَالَ أَبُوْمُوْسَى: أَنَا أشْفِيْكُمْ مِنْ ذَلِكَ فَاسْتَأْذَنَتُ عَلَى عَائِشَةَ الْحَدِيْث نَحْوَمَا سَبَقَ. وَقَالَتْ: إِذَاجَاوَزَالْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ. فَقَالَ أَبُوْمُوْسَى: لَا أسْأَلَُ عَنْ هَذَا أَحَدًا بَعْدَك.
قَالَ أَبُوْعُمَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْنَدًا بِظَاهِرِهِ فَإِنَّهُ يَدْخُل المُسْنَدَ ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ رَوَى حَدِيْثَهَا هَذَا عَنْهَا مُسْنَدًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ذَكَرَهُ إِلَى أَبِيْ مُوْسَى عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَجَبَ الْغُسْلُ.
وَقَدْ نَازَعَهُ الشَّيْخُ الْإِمَام عِزُّ الدِّيْنِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ رَحِمَهُ اللهُ فِيْمَا وَجَدْتُهُ بِخَطِّ بَعْضِ تَلَامِذَتِهِ وَقَالَ: لَيْسَ مَاذَكَرَهُ أَبُوْعُمَرَ عَنْهُ أَوَّلًا وَهُوَ قَوْلُهُ: إِذَاجَاوَزَ" هُوَ مَا ذَكَرَهُ ثَانِيًا مِنْ قَوْلِهِ: إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ" فَكَيْفَ يَصِحُّ مِنْهُ أنْ يَقُوْلَ وَقَدْ رَوَىَ حَدِيْثَهَا هَذَا وَيُشِيْرُ إِلَى مَا اشْتَرَطَتْ فِيْهِ الْمُجَاوَزَةَ وَلَمْ يَذْكُرمَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيْهِ الْمُجَاوَزَةُ. فَيَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ عَائِشَةَ: إِذَاجَاوَزَ" عَلَى حِكَايَةِ فِعْلِهَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَلَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ بِدَلِيْل قَوْلِهَا لَمَّا سَمِعت قَضَاءَ عَلِيٍّ لِلْمُهَاجِرِيْنَ بِإِيْجَابِ الْغُسْلِ مِنِ الْتِقَاء الْخِتَانَيْنِ: وَلَمَّا فَعَلْنَا ذَلِكَ بِإِذْنِ رَسُوْلِ اللهِ تَيَمَّمْنَا وَاغْتَسَلْنَا" وَلَايُحْمَلُ فِعْلُهَا إِلَّا عَلَى الْجِمَاعِ الْكَامِلِ لَا عَلَى مُجَرَّدِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ لِبُعْدِ ذَلِكَ. وَلَعَلَّ جَمِيْعَ مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمُهَاجِرِيْنَ مِنَ الصَّحَابَةِ كَابْنِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمْ فِيْ